رواية "الساعة الخامسة والعشرون" لـ "قسطنطين جيورجيو" من الروايات التى أحدثت ضجة كبيرة فى أوروبا كلها ، بل إن هذه الضجة لم يحدثها كتاب مماثل ، فقد نجحت فى بناء عالم افتراضى مذهل فى إتساعه وسوداويته ، تنقلت شخصيات الرواية بين الأرياف والمعسكرات ، وبين القرى والمدن ، بين القصور والمعتقلات ، بين الكنائس والبيوت ، فى دول كثيرة مجبرة دون أمل فى النجاة ، وانقلبت مصائرها رأساً على عقب ، وتقلبت بها الأحوال بين الكرامة والإذلال ، والأمل واليأس ، والفقر والثراء ، والصحة والمرض ، والمقاومة والاستسلام ، تضاربت أحلامها مع واقعها المرير ، وانتهت إلى نهايات تقشعر لها الأبدان ، ومع حفاظ بعضها على نبله ، والبعض الآخر على نذالته ، فقد رسمت خارطة تفصيلية للمأساة البشرية فى ظل الأيدلوجيات الشمولية ، والحروب العبثية ، والكراهيات العرقية ، والتحيزات الدينية .. وكلما توقع القارئ أن ضرراً ما قد استنفد طاقته وجد غيره لم يخطر له على بال ، فلا ينضب معين الأشرار من أعمال السوء.
ان رواية الساعة الخامسة والعشرون أحد أكثر الأعمال السردية الباعثة على أسئلة جذرية حول مصير الإنسان المأسوي ، فعالم الرواية الافتراضي متاهة يتعذر أن ينجو منها أحد . وعلى النقيض من معظم الأعمال السردية حيث يختل توازن الأحداث ثم يعاد في النهاية ، فإن نسق الاختلال يتعمق بمرور الزمن ، ولا يعود إلى سابق عهده أبداً
رواية تتجلى فيها أصداء الملاحم الكبرى ، والتراجيديات الإغريقية و المآسي الشكسبيرية ، ومجمل الأعمال التي انصب اهتمامها عل مصير الإنسان ، لذلك فهي تنتسب إلى سلالة الآداب السردية الرفيعة الخالدة
كثير من الروايات يتلاشى حضوره مع الذاكرة بمرور الأيام ، وتصبح استعادة أجوائه صعبة ، وربما شبه مستحيلة ،وقليل منها يدمغ الذاكرة بختمه الأبدي ، ومن ذلك القليل النادر رواية الساعة الخامسة والعشرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق