" النار والدخان في كل مكان"
تبدأ رواية شوق الدرويش عند أقرب نقطة للنهاية مع
سقوط المهدية، بخيت منديل في سجن الساير، رفاق السجن فرحين بالحرية بخيت بينه وبين
الحرية دماء وثأر. يريد الانتقام من قتلة محبوبته حواء. (ثيودورا)
ولكن قبل هذا. حيوات وعذابات كبيرة مر بها
بخيت منديل.
"قد عشت حيوات كثيرة يا حواء، أكثر
مما أحتمله، ربما عشت كثيرا، وما وجدت حياة أحلى من التي كنت أنت. فقط لو أحببتني"
يختطف بخيت وهو صغير ويستعبد ويتنقل بين
السادة (التركي، الأوربي)، ويتعرض للاستغلال الجنسي، ثم ينال حريته مع تحرر وطنه على
يدي المهدي، يعمل في عدة أعمال ولكن الجوع والفقر يطارده فينضم لتجريدة جيش المهدية
المتجه لمصر، فيسقط في أسر يوسف أفندي (مصري)، ثم يعود من مصر وحينها يلتقي (ثيودورا).
يعشقها ويسميها "حواء" ولا يرى الدنيا إلا وهي فيها. "من أي بلاد يسكنها
ملائكة أنتِ ؟"
"رحلة بخيت منديل رحلة فرد أم وطن
يا حمور؟"
(ثيودورا) يونانية الأصل القادمة من مصر
في إرسالية أرثوذكسية، مع سقوط الخرطوم في أيدي المهدي تصبح ملك (الشيخ إبراهيم ود
الشوك)تاجر ميسور من رجال المهدي، تتعرض أيضا للاعتداء الجنسي.
تقرر(ثيودورا) الهرب فتقتل، وتحدث المفارقة،
يدفنها بخيت بنفسه وهو يجهل، ويسير مخمورا عند علمه، ليسجن على فجوره، ويسجن السبع
سنوات وطوال مدة السجن لا يفكر سوى في الانتقام "
يخرج من السجن ملاحقا ست طرائد، المعلومات
التي وفرتها (مريسيلة) عن طرائده والنار التي بقلبه وقود رحلة البحث وقتلهم، نتعرف
على الشخصيات التي تتقاطع مع بعضها البعض ويصل للنهاية دون قتل طريدته الأساسية (يونس).
الرواية شديدة البراعة، لغة صوفية شاعرية
مكثفة، والتقاطعات التاريخية مرسومة بعناية، السرد المفكك واستخدام الفلاش باك السينمائي،
تعدد الرواة، والشخصيات المنحوتة بعناية (الحسن الجريفاوي، مريسيلة وقصتها الممزوجة
بنكهة سحرية أفريقية، يونس ود جابر، إبراهيم ود الشوك، المصري يوسف أفندي)
على المستوى الفكري والرمز التحليلي الرواية
تتعرض لفترة ثرية من التاريخ السوداني في أواخر القرن التاسع عشر ( فترة الثورة المهدية)ولكنها
تخاطب الحاضر باستخدام الماضي وتقول ما لا يقال.
____________________
رواية شوق الدرويش
(حمور زيادة /دار العين للنشر. القاهرة
/2014)
الرواية الحائزة على جائزة نجيب محفوظ مقدمة
من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق