
لامل دنقل
تعد تجربة الشاعر
(أمل دنقل) من أغنى التجارب الشعرية في التاريخ المعاصر منذ ظهور الشعر الحر - التفعيلي
علي مسرح الشعر العربي في نهاية الأربعينات ووصله لمرحلة النضج في الخمسينات والستينات
إلى السبعينات، وقد عُد دنقل من شعراء هذه المرحلة حتى وفاته.
ولد أمل دنقل بقرية
القلعة مركز قفط على مسافة قريبه من مدينة قنا في صعيد مصر وقد كان والده عالما من
علماء الأزهر الشريف مما اثر في شخصية أمل دنقل وقصائده بشكل واضح. سمي أمل دنقل بهذا
الاسم لأنه ولد بنفس السنه التي حصل فيها والده على اجازة العالمية فسماه باسم أمل
تيمنا بالنجاح الذي حققه واسم أمل شائع بالنسبة للبنات في مصر. كان والده عالما بالأزهر
الشريف وكان هو من ورث عنه أمل دنقل موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي وأيضا
كان يمتلك مكتبه ضخمه تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر
كثيرا في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى للأديب أمل دنقل. فقد أمل دنقل والده
وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيرا واكسبه مسحه من الحزن تجدها في كل أشعاره.
رحل أمل دنقل إلى
القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا وفي القاهرة ألتحق بكلية الآداب ولكنه
أنقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل. عمل أمل دنقل موظفا بمحكمة قنا وجمارك
السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفا بمنظمة التضامن الافروآسيوي، ولكنه كان دائما
ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الأشعار كمعظم أهل الصعيد، شعر أمل دنقل بالصدمة عند
نزوله إلى القاهرة في أول مره، وأثر هذا عليه كثيرا في أشعاره ويظهر هذا واضحا في أشعاره
الأولى. مخالفا لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز
التراث العربي.
عاصر أمل دنقل
عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين
بانكسار مصر في 1967 وعبر عن صدمته في رائعته البكاء بين يدي زرقاء اليمامة ومجموعته
تعليق على ما حدث. شاهد أمل دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة
السلام، ووقتها أطلق رائعته لا تصالح والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين،
ونجد أيضا تأثير تلك المعاهدة وأحداث يناير 1977م واضحا في مجموعته العهد الآتي. كان
موقف أمل دنقل من عملية السلام سببا في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصرية
وخاصة أن أشعاره كانت تقال في المظاهرات على أفواه الآلاف. عبر أمل دنقل عن مصر وصعيدها
وناسه ، ونجد هذا واضحا في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعه شعرية له
"أوراق الغرفة 8" ، عرف القارئ العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء
بين يدي زرقاء اليمامة" 1969 الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد
ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.
ومن قصائده :
مقتل القمر / شيء
يحترق / أوتوجراف / العينان الخضراوان/ اقوال اليمامة/ أوراق الغرفة 8
من قصائد الديوان:
“لا تصالح علي
الدم .. حتى بدم!
لا تصالح! و لو
قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء؟
أقلب الغريب كقلب
أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟
و هل تساوي يد
... سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك؟”
“و ينزل المطر
و يرحل المطر
و ينزل المطر
و يرحل المطر
و القلب يا حبيبي
مازال... ينتظر”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق